التعليم الإسلامي عبر الكمبيوتر

أكثر جاذبية أكثر سهولة

                                                                              ميسون ظاظا

 

يعشق طفلي البالغ من العمر أربع سنوات، ما يسمى بكمبيوتر العائلة، فهو يعرف كيف ينقر على برامج الكمبيوتر المفضلة لديه، وكيف يسبح في مسار الطفل على شبكة الإنترنت بشكل آمن، وفي النهاية يقوم بغلق جهاز الكمبيوتر بنفسه على الوجه الصحيح. علاوة على ذلك تعلم طفلي الصغير الألف والباء والتاء من على شاشة برامج الكمبيوتر. وطفلي «رشيد» ليس متفرداً في ما يفعل، فكثير من الأطفال المسلمين اليوم يستخدمون جهاز الكمبيوتر لكي يعينهم في تعليمهم الإسلامي.
شهد العالم في الحقبة الأخيرة تطورات مذهلة جعلت الكثيرين يطلقون على حقبة التسعينيات على وجه التحديد «عصر المعلومات». وإذا كنا نخضع التطورات التكنولوجية لمنظور البحث، فعلى المرء أن يتذكر فترة السبعينيات التي شهدت لأول مرة توفر آلة حاسبة بحجم راحة اليد.. وهاهم المسلمون اليوم يتواصلون في كل أنحاء العالم بشكل فوري من خلال برامج سمعية ومرئية عبر شبكة الإنترنت. ومن خلال هذه التطورات لم يعد مدهشاً أن يندمج مسلمو العالم فيما يسمى بالتعليم الإسلامي. فكل عام، ينتج ناشرو «برامج السوفت وير» الخاصة بتشغيل الكمبيوتر المزيد والمزيد من البرامج التي تفي بالاحتياجات والمتطلبات التعليمية للأمة. وتتنوع هذه البرامج في موضوعاتها من برامج لتعلم اللغة العربية إلى الألعاب التي تتضمن مفاهيم ومعلومات إسلامية للأطفال.
إن فكرة توظيف برامج الكمبيوتر لأغراض تعليمية ليست جديدة. فقد أدخل العالم الغربى استخدام الكمبيوتر الشخصي في مناهجه منذ الثمانينيات. وكانت البرامج التعليمية آنذاك نمطية تحتوي على معارف وعلوم مصحوبة بتدريبات تعتمد على الخطط البسيطة وتفتقد وجود أي رسوم متحركة. لم يكن متاحاً حتى ذلك الحين استخدام تكنولوجيا الصوت في برامج السوفت وير التي تعمل على أجهزة الكمبيوتر الشخصي. أما الآن، فتستخدم برامج الكمبيوتر التعليمية المؤثرات الصوتية الثلاثية الأبعاد بشكل تصويري متطور لدرجة تنبض بالحياة، بل وأصبح في مقدور المستخدم العادي أن يسجل بعض الخصائص الاسترجاعية التي تعزز المنافع والفوائد التعليمية للبرامج. ويشار إلى استخدام أجهزة الكمبيوتر في بيئة تعليمية بما يسمى غالباً «التعليم بمساعدة الكمبيوتر» أو «التعليم المرتكز على الكمبيوتر». ويعني هذا أن أجهزة الكمبيوتر تستخدم في المقام الأول والرئيس كعنصر مكمل لتعليم المعلم، وليس بديلاً عنه. ولقد أصبح استخدام «التعليم بمساعدة الكمبيوتر» الآن أمراً شائعاً في المدارس كاستخدام القلم الرصاص والورقة فيما مضى. ففي عام 1990 اشترت المدارس الأمريكية أكثر من مليوني كمبيوتر شخصي لأغراض تعليمية. وبعد ذلك بعقد من الزمان تقريباً، شهدت المدارس والمنازل أيضاً زيادة واضحة في حيازة أجهزة الكمبيوتر، ومن المتوقع زيادة هذا الاتجاه خلال العقد القادم. بناء على ذلك،أصبح من الأمور الهامة بالنسبة للأمة أن تتعلم كيف تستخدم وتستغل هذا الأسلوب الجديد والمبتكر للتعليم داخل أنظمتنا التعليمية.
كيف يمكن أن تستفيد الأمة من برامج الكمبيوتر التعليمية؟
عندما يستخدم المعلمون أجهزة الكمبيوتر كأداة تعليمية إضافية، فإنهم يستغلون وسيلة قوية للغاية. فقد أشارت الأبحاث ،على مدى عشر سنوات، إلى أن استخدام الكمبيوتر في فصول التعليم التقليدي قد أدى إلى زيادة هائلة في مستوى التحصيل لدى الطلاب. وقد حدثت هذه الزيادة بصرف النظر عن عمر الطالب أو قدراته أو المناهج الدراسية المقررة. ومع ذلك فإن ارتفاع مستوى الطلاب يبدو أكثر وضوحاً لدى الطلاب الصغار. إن استخدام برامج الكمبيوتر التعليمية حقق نتائج مثالية على وجه الخصوص لدى طلاب المرحلة التمهيدية «ماقبل المدرسة» والابتدائية الذين شرعوا للتو في تعلم أسس الدراسات العربية والإسلامية.
ومن المزايا التعليمية الأخرى لبرامج الكمبيوتر تلك الزيادة الملموسة في معدل التعلم لدى الطلاب. وقد أظهرت الدراسات أن الطلاب الذين يستخدمون برامج الكمبيوتر يستوعبون في وقت أقل نفس قدر المواد التي يستوعبها الطلاب الذين يتلقون تعليماً تقليدياً فقط، بل وأفادت إحدى الدراسات أن معدل تعلم الطلاب عبر الكمبيوتر يزداد وبنسبة 40%. يبدو أن التعليم بالكمبيوتر فعال للغاية في مجال اللغة الأجنبية والعلوم. وهذا الأمر مفيد لنا للغاية- كمسلمين غير عرب- لأن تعلم اللغة العربية أمر جوهري لأداء المهام الأساسية للعبادة. وعلى سبيل المثال، فإن برنامج الكمبيوتر الخاص بتعليم كيفية أداء الصلاة يمكن أن يصبح أداة تعليم عظيمة لمعتنقي الإسلام الجدد أو للأطفال الصغار. ويمكن لمستخدم الكمبيوتر، من خلال النقر على كل كلمة في سور القرآن، التعرف على نطقها إلى أن يحفظها عن ظهر قلب. علاوة على ذلك، بمقدور المتعلم أيضاً أن يتعرف على النطق الصحيح لكل كلمة تصادفه. وحينما يشتمل برنامج الكمبيوتر على فيلم مصور، يصبح بمقدور المستخدم أيضاً مشاهدة كيفية أداء الحركات الجسمانية أو العضوية أثناء الصلاة أو الوضوء. ولا يقتصر وفاء التكنولوجيا بتعليم متطلبات العبادة الأساسية على الصلاة، فهناك برنامج كمبيوتر فعال بمقدوره أن يوضح للمسلم الطريق والأسلوب الصحيح لأداء فريضة الحج. أما غير الناطقين باللغة العربية، فبمقدورهم الاستفادة من برنامج تعليم اللغة العربية كوسيلة مفيدة وتفاعلية لممارسة مهارات الفرد في تعلم اللغة العربية. ويقدم البرنامج وسائل مختلفة للمبتدئين لتعلم حروف الهجاء، وقطع الفهم، بالإضافة إلى القواعد اللغوية والكلمات ونطقها، وكلها أمور من شأنها زيادة معدل تعلم الدارس لهذه اللغة الهامة.
وقد أدى إنتاج برامج لتشغيل الكمبيوتر إلى دمج التعليم العلماني مع المُثل الإسلامية. فليس هناك أي ضرورة للفصل بين موضوعات الإسلام وموضوعات الدراسة التقليدية من قراءة وكتابة ورياضيات، ذلك لأن الله جعل الإسلام بمنزلة أسلوب حياة كامل. وبناء على ذلك، يصبح من الطبيعي أن يجعل الأب المسلم أو المعلم المسلم من القرآن والسنة الأساس الأولي لتعليم الطفل. فعلى سبيل المثال، عند تدريس قطع الفهم أو القراءة يمكن الاعتماد على فقرات أو قصص عن حياة الأنبياء أو الصحابة بدلاً من الاعتماد على القراءات التقليدية المستخدمة في المدارس. ويمكن أن يشتمل منهج العلوم الدراسي على الإسهامات الكثيرة التي حققها العلماء المسلمون الأوائل في مجالات علم الفلك، والطب، والهندسة المعمارية، في الوقت الذي كانت تعيش أوروبا فيما يسمى «العصور المظلمة» أو القرون الوسطى. أما دروس التاريخ فبمقدورها الاستفادة من قصص حياة النبي محمد ص وأصحابه. وفوق ذلك، فإن دمج المنهج الدراسي بحيث يشتمل على موضوعات التعليم التقليدية والدراسات الإسلامية من شأنه أن يعزز فكرة أن الإسلام أسلوب حياة كامل لدى الطفل.
وأخيراً، فإن برامج الكمبيوتر تعتبر مصدراً طيباً للغاية للمتعة والتسلية للكبار والصغار على حد سواء. وكما يعلم جميع الآباء وأولياء الأمور والمعلمين فإن الأطفال يهوون القيام بالواجبات والمهام التي تمثل نوعاً من المتعة والتسلية، ومن ثم فإن استخدام برامج الكمبيوتر في شكل ألعاب مسلية هدفها تعليم الأطفال مفاهيم إسلامية في الفقه أو اللغة العربية أو التاريخ الإسلامي أو الأخلاق سيحفز الطفل على تعلم ومعرفة المزيد عن الدين الإسلامي.
نصائح هامة يجب اتباعها عند شراء برامج الكمبيوتر:
إن الخطوة التالية، التي يجب علينا الاهتمام بها بعد أن قررنا اللحاق بعصر المعلومات، تتمثل في البحث عن البرامج المناسبة التي تتناسب مع احتياجات الطفل التعليمية. وهناك شيئان يستحقان أن نوليهما اهتمامنا وهما محتوى البرنامج ومستواه. فالبرامج المثالية يجب أن تكون متعددة المستوى في التعليم ودرجة الصعوبة بحيث تتنامى مع مهارات الطفل المكتسبة. وبغض النظر عن محتوى البرنامج ومضمونه، يجب الاهتمام بشراء البرامج التي تناسب مستوى تطور الطفل، ذلك لأنه إذا كان البرنامج موجهاً نحو طفل أكبر في السن وتعامل معه طفل أصغر من الناحية العمرية فقد يصاب الأخير بحالة من الإحباط، لذا يجب أن يتميز أي شكل من أشكال التعليم بالتدرج في طبيعته بحيث ينتقل من مهارة إلى أخرى بعد أن يتقن المهارات السابقة تماماً. ونلاحظ هنا أن البرامج الصعبة للغاية أو التي تنتقل من مهمة إلى أخرى بشكل سريع ربما توجد أيضاً الإحباط بالنسبة للطفل. ويجب ألا تكون الأنشطة التعليمية في شكل أسئلة وأجوبة فقط، حيث من الأفضل أن يتيح البرنامج للطفل تطبيق ما تعلمه في مواقف ومواضع جديدة.
ومن الجوانب الهامة التي يجب الاهتمام بها عند شراء برنامج من برامج الكمبيوتر إدراك حجم المتعة التي سيجدها الطفل في البرنامج. فإذا وجد طفلك البرنامج مملاً، فيظل على الأرجح قابعاً على الرف ولن يجد طريقه إلى جهاز الكمبيوتر، ومن ثم يجب أن تتميز البرامج المشتراة بالمتعة والمرح والتسلية، وذلك لتتمكن من جذب انتباه الطفل واهتمامه لأطول فترة ممكنة ولتحقق أقصى نفع تعليمي منها.
ومن الأمور الجوهرية أيضاً التي يجب الاهتمام بها عند شراء البرامج معرفة هل تتوافق هذه البرامج في محتواها وإرشاداتها مع ما هو مقرر في القرآن والسنة أم لا. ويتوجب على الآباء وأولياء الأمور أن يراقبوا- كما هو الحال في أي مواد تعليمية أخرى- ما يعرض على شاشة الكمبيوتر. وينبغي عليهم، إذا وجدوا أي مادة ذات طبيعة غير إسلامية أو تتعارض مع التعاليم الإسلامية التقليدية، أن يتدخلوا ويمنعوا تشغيل مثل هذه المواد. ومن بين السقطات التي تحفل بها معظم البرامج استخدام الموسيقا والغناء كمؤثرات مصاحبة للبرامج، ويمكن تجنب مثل هذه الأشياء قدر المستطاع إذا لم تؤثر على المحتوى والمضمون التعليمي لهذه البرامج، وسيظل الاستخدام الخلاق للمؤثرات الصوتية المرتبطة بالمحتوى التعليمي مصدر جذب لاهتمام الطفل مساو تماماً للموسيقا. ويمكن استخدام الأناشيد أيضاً مع المضامين التعليمية، وذلك للمساعدة في عملية الحفظ كما هو الحال في أغنية «ألف باء تاء.. إيه بي سي» لأطفال مرحلة ما قبل المدرسة.
ونصل إلى جانب آخر مهم عند شراء البرنامج ويتعلق بتوافق البرنامج مع جهاز الكمبيوتر «
IBM»، ولذلك من المهم الاطلاع على متطلبات أي نظام قبل الإقدام على شراء البرنامج. وعموماً فإن معظم برامج الكمبيوتر التعليمية والإسلامية تستخدم نظام النوافذ المعروف بـ«ويندوز95 أو ويندوز98». ويستحسن أن يتميز جهاز الكمبيوتر بالحد الأدنى من المواصفات مثل كارت صوت 16 بيت، وذاكرة 8ميجابيت أو أكثر. وشاشة عرض ذات كارت كتابة 256 لوناً، ومحرك لقرص الأسطوانات عالي السرعة. وقد يتطلب تشغيل البرامج الجديدة توفر ما يسمى بـ«بنتيم بروسسور». ويجدر بنا أن نذكر أن هناك برامج متوفرة لمستخدمي كمبيوتر ماكنتوش، إلا أن هذه البرامج قليلة ونادرة. وتستلزم كل من برامج الكمبيوتر المتوافقة مع «آي بي إمIBM » أو «ماكنتوش» وجود مساحة خالية متاحة على القرص الصلب، وتختلف المساحة المطلوبة من برنامج لآخر. ويعتبر توفر محرك أقراص الأسطوانات أمراً ضرورياً في هذا العصر وذلك بسبب الحجم الهائل لكثير من برامج الكمبيوتر.
وفي الوقت الذي تتوفر فيه برامج كمبيوتر على قرص 3.5 بوصة، نجد أن معظم البرامج الجديدة معقدة ومتطورة وتحتاج إلى المساحة الإضافية المتوفرة في محرك أقراص أسطوانات الليزر.
وأخيراً، من المهم جداً استكشاف محتويات برنامج الكمبيوتر «سوفت وير» قبل شرائه. وهذا الأمر هام لأنه إذا تم فتح غلاف البرنامج يصبح من الصعب إعادته للبائع مرة أخرى إلا في حالة وجود خلل أو عطب في البرنامج. وبمقدور الآباء الحصول على معلومات عن البرنامج المراد من خلال مصادر عديدة، من بينها المجلات والصحف وشبكة الإنترنت. وتقدم كثير من شركة برامج الكمبيوتر «سوفت وير» برامج عرض وهي عبارة عن عرض موجز أو مقتضب لمحتوى الأسطوانة أو البرنامج وذلك لأي مشتر محتمل أو متوقع. ومن شأن هذا الأمر أن يعطي المشتري فكرة طيبة عن البرنامج بحيث يحدد هل سيفي البرنامج المتاح بمتطلباته أم لا. علاوة على ذلك، ينصح باستشارة المسلمين العارفين بالكمبيوتر في مجتمعك وذلك لأخذ رأيهم بشأن نوعية بعض برامج الكمبيوتر. وهذا الأمر مهم للغاية حيث إن المسلمين الذين سبق لهم استخدام البرامج وتعرفوا على جوانبها الإيجابية أو السلبية، باستطاعتهم تقديم النصيحة الخالصة عن وعي ودراية. ومن المستحسن أيضاً عند الشراء أن تحوز النسخة الأصلية المرخصة من الشركة المنتجة وذلك بدلاً من النسخ المزورة أو المستنسخة غير الأصلية والتي تكون أرخص كثيراً من النسخ الأصلية. وتذكر دائماً أن شركات الكمبيوتر الإسلامية وشركات برامج الكمبيوتر «سوفت وير» تعمل بجد واجتهاد لإنتاج برامج مميزة لإفادة الأمة. وعليه فإن هذه البرامج هي مصدر عيشهم ورزقهم الذي يعينهم على تحمل أعباء أسرهم. ومن خلال مساندتك ودعمك لشركات الكمبيوتر الإسلامية وشركات إنتاج البرامج والموزعين تتوفر مزيد من الفرص لتقديم برامج كمبيوتر ذات صبغة إسلامية للأمة بسعر منخفض يطيقه المستهلك المسلم.

: http://www.bab.com المصدر