الإجابة النموذجية و التسلط التربوي

هدى علي بن سالم

إن المدرسة تمثل في الواقع المفترض السلطة التربوية المؤتمنة على رعايا من النفوس والعقول  تمثل جيلا حاضرا ومجتمعا قادما . . فهي بحق معمل البناء الحر الذي من خلاله تتفتح العقول وتبنى المعارف في أجواء من الحكمة والحرية والتسامح .. وحوارات العقول وانطلاقات الفكر بعيدا عن قيود العبودية وقسر التعسف أيا كانت صورها ..

هذه المعامل الآمنة هي من ينتج أجيال الإبداع والأصالة والابتكار ..  أجيال القدرات العالية في الاتجاهات الإيجابية والإندفاعات النفسية ..فما مدى نجاح مدارسنا في إفراز هذا الجيل المنشود !؟

 من خلال الواقع المعايش والخبرة الواقعية هناك  بقايا من ذلك التسلط التربوي الذي عاشته المجتمعات  العربية ردحا طويلا ..  من رموزه  ما نجده من إصرار المعلمين على تلقين الطالب الإجابة الصحيحة ( النموذجية )  وإملائها عليه حرفيا ثم مطالبته بإسقاطها على ورقة الامتحان  كما هي  فإن حاد وصاغ إجابته بما  يفهم قوبل بخطأ ما فعل !! ، فينشأ وتألف بناه العقلية المدارك الدنيا من التفكير فيكتفي بالحفظ والاستظهار ويمضي عليه في مسيرة تعليمه طويلة  تجمد خلالها ملكاته وتضطهد فيها  إمكانياته من تفكير حر أو فكر مستقل .

 أن هذا التربية التي ينتهجها أغلب المعلمين في المراحل الدراسية المختلفة بما فيها  المرحلة  الثانوية تجعل من المنهج والمدرسة مقبرة للفكر  ومن  الطالب وعاء للخزن .

لذا لا نعجب إن تدنت النسب المئوية بين طلابنا  لمن يمتلك قدرة النقد لفكرة تطرح أمامه فيناقشها حوارا هادئا وفكرا جادا ولا يرضى إلا أن قبلها عقله اقتناعا ؟ أو من يستطع أن يعرض قضية حياتية يناقشها ويبحث عن أسبابها أو يبتكر حلولا لها  ؟ أو من لا تعنيه الدرجة والامتحان قدر ما تعنيه المعرفة هي  هدفه ومن أجلها يكافح بكل جهده ؟ أو من يستطع أن يدير حوارا جادا أو عرضا مناسبا إن فوجئ بطلب التحدث عبر إعلام مباشر ؟ أو من يبحث للبحث عن حقائق علمية أو ضالة معرفية لا أن ينسخ من كتاب للحصول على درجة وقتية ؟

أن تلك التربية أفرزت عددا ليس باليسير من طلابنا يعدون  نماذج ضعيفة فكريا ونفسيا سماتهم الإتكالية والاستسلام  وانعدام الثقة بالنفس .. الاضطراب والإنطوائية .. الخجل والجمود الذهني انعدام الجرأة على المواجهة وافتقاد حرية التعبير..

 فكان بقاؤهم بأيدي معلميهم  في دائرة الخمول ثم يكال عليهم باللوم أنهم لم يعرفوا  للإبداع سبيل ؟؟