الاحتراق النفـسي للمعلم العربي

 القاهرة  - د. محسن خضر

يروي فدريكو مايور ثاراجوتا مدير عام منظمة اليونسكو في كتابه «تأملات في مستقبل البشرية» هذه الواقعة لدى زيارته لواحدة من أفقر الدول الأفريقية، فعند زيارته لإحدى المدارس الريفية دخل أحد الفصول بصحبة ناظرها وكان المعلم مشغولاً بتعليم الطلبة أسرار الأبجدية ومفاتيح المعرفة، لم يجد مايور في الفصل سبورة أو طباشير، كانت بلا إمكانات تقريباً، وقدمه الناظر إلى المعلم والتلاميذ، قائلاً:
- أقدم لكم البروفسور مايور.
فما كان من مايور إلا أن التفت إليه، معترضاً وقائلاً:
قبل دخولي إلى هذه الحجرة كنت البروفسور مايور، أما الآن فأنت الأستاذ بحق، بل أنت البطل، ووجه عبارته إلى هذا المعلم المجهول الذي يمارس مهنته في مثل هذه الظروف.
نتحدث إذاً عن مئات الألوف من أبطالنا الذين يقوم العمل التربوي على أكتافهم، والذين يعملون أحيانا في ظروف صعبة، وإمكانات ضعيفة، لكنهم يحملون على كاهلهم، ويضعون في قلوبهم آمال المجتمع وثقته في إنجاز هذه الرسالة النبيلة نحو تلاميذهم.
وإذا كانت هذه المداخلة تتناول إحدى الظواهر الشائعة في المدرسة العربية وهي ظاهرة الاحتراق النفسي للمعلم
Burnout فإننا نشير إلى أن دور المعلم يقع ضمن رؤية شبكية للتعليم يدغم فيها السياسي والفني، وهو ما يشير إليه المفكر التربوي حامد عمار: «إن للتعليم بعدين رئيسيين: أحدهما هو البعد السياسي بمفهومه الشامل الذي يحكم حركة المجتمع داخلياً وخارجياً في فترة زمنية معينة، والبعد الثاني هو البعد الفني الذي تحكمه القواعد والعلوم التربوية والتنشئة الاجتماعية وغيرها من العلوم الاجتماعية، حيث يتشابك هذان البعدان ويتفاعلان مع مختلف أنشطة النظام التعليمي» (1).
إن التعليم الذي نعنيه أقرب إلى عملية التفتح، إنه عملية تحرير المتعلم من استرقاق الأنا وضغط المؤسسة والجماعة، واكتشاف طاقاته وقدراته وملكاته، كما يقول الروائي الروسي الكبير تولستوي «إن الحرية شرط لازم لكل تعليم حقيقي»، فماذا عن موقع المعلم العربي في هذا التعليم؟
دور المعلـم
تتعدد وتتداخل أدوار المعلم بين الدور المعرفي والتقويمي والضبطي والإداري، وكلما كان دور المعلم أقل جموداً وجد المعلم نفسه مشاركاً في نوع معين من العلاج الاجتماعي الذي تختفي فيه المسافة الاجتماعية العائقة له. ويفرق البعض بين الأدوار الأساسية للمعلم (التدريس والتطبيع الاجتماعي والانتقاد الاجتماعي) والأدوار المساعدة (حفظ النظام والمسؤوليات الإدارية والإشرافية).
ويتحدد أداء الدور بالعوامل الشخصية والبناء الاجتماعي والبناء الإيجابي لمهنة التعليم كمهنة قيمتها تتطلب مستويات عالية للالتحاق بها، كما أنها تتطلب تعويضاً مناسباً يمكن مقارنته جيداً بما يوجد في مهن أخرى، مما يساعدها على مد التنافس على قدم المساواة.
وكما يلاحظ موريش فإن مهنة التعليم إحدى المهن التي يبدو فيها الطريق إلى الحراك الاجتماعي إلى أعلى غير مرسوم بوضوح. كما أنها مهنة يجد فيها كثير من الأفراد أنفسهم تحت ضغط الظروف في مواقف لا يمكن تبريرها بمؤهلاتهم.
فالمعلم يصبح بنقله للثقافة والمعلومات والقيم خبيراً اكاديمياً ومدرباً أخلاقياً، ويهتم بالمساعدة في التطبيع الاجتماعي لكل طفل تحت رعايته وفي بناء شخصيته وخلقه وتطوير القيم والاتجاهات. وقد يعتقد المعلم أن دوره الأساسي المرشد والناصح والموجه لتلاميذه والقاضي والحكم، وقد يعتبر أن دوره الأساسي دمج تلاميذه في المجتمع أي تطبيعهم الاجتماعي وخصوصاً في مجال التفاعل الشخصي مع الأطفال في عملياتهم، ويصبح عمل المعلم ضعيفاً لأنه يتعامل مع بشر، ويمارس علاقات إنسانية، ويدخل في نسيج متشابك من علاقات التلاميذ والآباء ونظار المدارس والموجهين. ويبدو أننا بحاجة إلى وعي أكبر بدور المعلم، وتناقضات هذا الدور وصراعاته. فبينما يأتي التلاميذ إلى حجرة الدراسة تاركين بيوتهم وآباءهم فإن المعلم -كما يلاحظ- مانهايم «يستدعي إلى حجرة الدراسة، آراءه عن عمله وتحيزاته، ومخاوفه ونقائصه وطموحاته وإنسانيته ومجتمعه. ويحمل كل معلم في أعماقه وفي شخصيته فلسفة للحياة، ولدوره ولوجهات نظره عن عمله» (2).
وإذا كان المعلم - كما يلاحظ هويل ومسجريف - وسيطاًً بين العالم الحقيقي والعالم المثالي، فإن كثيراً من مشكلاته الشخصية وصراعاته تنبع من هذا الموقف، حيث يحتدم الصراع بين مسؤولياته ومتطلباته المهنية من ناحية وعن صورة المستقبل المنتظر الذي يعد له من ناحية أخرى.
وإذا كان وعي المعلم بأدواره، وإجادته لها تنعكس على نجاحه المهني، فإن الأدبيات تشير إلى هذه العلاقة، حيث تحدثت إحدى الدراسات (3) حول أبرز خصائص المعلم الناجح من وجهة نظر الموجهين والمشرفين التربويين والمديرين والمعلمين أنفسهم والطلاب كانت على الوجه التالي:
- التمكن من المادة التعليمية التي يدرسها المعلم (63%).
- الديموقراطية والتسامح ومشاركة الطلاب في اتخاذ القرارات (61%).
- التنويع في أساليب التدريس (47%).
- قوة الشخصية والذكاء وسلامة العقل والجسم (45%).
- التحضير السابق للمادة والحماس الشديد لها (31%).
- توزيع الأسئلة بالعدل ومراعاة الفروق الفردية (19%).
- التحلي بالأخلاق الفاضلة والمبادئ الملتزمة (18%).
- التأهيل العلمي والإلمام بالأهداف والمنهج (18%).
- المحافظة على المظهر بشكل لائق (17%).
وإن أغفلت الدراسة السابقة نشاطه المهني خارج حجرة الدراسة ، ومشاركته النقابية والسياسية الواسعة.
اتجاهات المعلم نحو مهنته
تتداخل ظاهرة الاحتراق النفسي للمعلم مع ظواهر أخرى متشابكة ومنها اتجاهات المعلم نحو المهنة، والرضا الوظيفي، وكفايات المعلم، والتفاعل الاجتماعي، والسلطة المدرسية، وربما يعد اتجاه المعلم نحو المهنة
Educational attitudies هو المحدد الأساسي لمدى تحمله للمهنة وضغوطها النفسية والجسمية وبالتالي للاحتراق النفسي الذي يواجهه، وثمة اتفاق أن كلمة السر لنجاح المعلم في عمله هي اتجاهاته الإيجابية نحو مهنته، لأن هذه الاتجاهات هي القاعدة التي ينبني عليها معظم النشاطات التربوية (4). كما أن الاتجاهات نحو مهنته التدريسية هي مفتاح التنبؤ بنموذج الجو الاجتماعي الذي سوف يؤكده المعلم في حجرة الدراسة ، وأن الاتجاهات الإيجابية هي ركيزة معظم النشاطات التربوية (5).
وترتبط اتجاهات المعلم نحو مادته بإعداده الأكاديمي، والاتجاهات التربوية للمعلم انعكاس لوجهة نظره أو معتقداته نحو التدريس، وعلاقة المعلم بالتلميذ، والضبط والعقاب، والممارسات الديموقراطية وممارسات التدريس، ومعينات التدريس، والمنهج. وثمة ملاحظة أساسية في أغلب الدراسات التي تناولت قضية اتجاهات المعلم تشير إلى بروز الاتجاهات التربوية الإيجابية في أثناء فترة الإعداد بكليات التربية، ثم تعود إلى الانخفاض بعد التخرج وممارسة التدريس بسبب العوائق التي يجدها المعلمون في مجال عملهم، والتباعد بين الرؤية اليوتوبية في أذهانهم والواقع المتجسد كما يلمسونه بعد ممارسة العمل.
ولاحظت إحدى الدراسات بخصوص التغير في اتجاهات المعلمين النفسية والتربوية وجود فروق بين مجموعات المعلمين في سنوات الخبرة في اتجاههم نحو مهنة التعليم ونحو الدراسات النفسية والتربوية، ويبدو أنه كلما زاد عدد سنوات الخبرة للمعلم فإنها «أي اتجاهات المعلمين» لا تهتم ببرامج النمو المهني والتدريب، بل يتركز الاهتمام نحو الوظائف الإدارية ويقل الأداء التدريسي. وتقول دراسة أخرى لجابر عبدالحميد إن سنوات الخبرة لا ترتبط بدرجات التصرف في المواقف التربوية (6).
وتشير دراسة ثالثة أجريت حول اتجاهات المعلم الأردني إلى أن اتجاهات طالبات كليات التربية أعلى من اتجاهات الطلاب نحو المهنة، واتجاهات طلاب الأقسام الأدبية أكثر إيجابية من اتجاهات طلاب الأقسام العلمية، كما توصلت إلى زيادة ارتباط المعلمين بمهنة التعليم كلما ازدادت سنوات الخبرة، كما لم نجد فروقاً تذكر بين الخبرة التدريسية للمعلمين واتجاهاتهم نحو المهنة بسبب فقدان المعلم الحرية والحماس لمهنة التعليم كلما زادت خبرته التدريسية، وذلك لعدم تحقيقه المكانة الاجتماعية والاقتصادية اللائقة التي تتمشى مع طبيعة المهنة، بالإضافة إلى الإحباطات المتكررة التي قد يواجهها بشكل متكرر مع طلابه وزملائه ورؤسائه (7).
ومن أخطر ما توصلت إليه الدراسة أن الإعداد الأكاديمي بمفرده للمعلم ليس كافياً لتكوين اتجاهات إيجابية نحو مهنة التدريس وأنه لابد من توفر الخبرة العملية.
ومن المهم المضي في رفع مستوى الإعداد بكليات التربية العربية، فمستوى الإعداد المرتفع ليس مسؤولاً فحسب عن تكوين اتجاه تربوي إيجابي للمعلم نحو مهنته بل يعينه من ناحية أخرى على تحمل ضغوط العمل والاحتراق النفسي في عمله.
الاحتراق النفسي للمعلم
تؤدي الضغوط الداخلية والخارجية التى يتعرض لها المعلم إلى استنزاف جسمي وانفعالي، وأهم مظاهره فقدان الاهتمام بالتلاميذ وتبلد المشاعر، ونقص الدافعية، والأداء النمطي للعمل، ومقاومة التغير وفقدان الابتكارية. ويؤدي افتقاد المعلم إلى الدعم الاجتماعي ومهارات التكيف لمستوى الأحداث إلى زيادة احتمال وقوع المعلم فريسة للاحتراق النفسي وتعدد مصادر الضغوط المسببة للاحتراق النفسي للمعلم بين سلوك التلاميذ، وعلاقة المعلم بالموجه، وعلاقته العلمية بزملائه، والصراعات المدرسية، وعلاقة المعلم بالإدارة، والأعباء الإدارية، وضيق الوقت، وغياب التفاهم بين المعلم والإدارة، والمعلم وأولياء الأمور.
وتشير دراسة «شواب وايوانيكى» إلى أن صراع الدور أدى إلى الإجهاد النفسي وتبلد المشاعر، كما أن المعلمين من فئة العمر (20-39) كان لديهم إجهاد نفسي أكثر من المعلمين في عمر خمسين عاماً فأعلى، كما أظهر المعلمون الذكور اتجاهات سلبية نحو التلاميذ أشد من اتجاهات المعلمات(8).
ومن مظاهر الاحتراق النفسي فقدان الحماس للاهتمام بالعمل وبعملائه واللامبالاة، ويعيش المعلم العربي في مناخ تنظيمي معقد وبارد: فصول مكدسة بتلاميذ ينتمون إلى مستويات وأسر مختلفة، يفتقد أغلبهم الاهتمام بالتعليم، ويظهر ذلك في محاولاتهم الخروج على النظام، وتكبله سلطات بيروقراطية متربصة به وبعمله.
ويشعر المعلم بالعزلة، وغياب المساندة، والتجريد من السلطات، والنظرة المتشككة إلى ولائه وأدائه، والاستهتار بآرائه وخبراته عند إدخال تغييرات في العملية التعليمية، ويفتقد مؤازرة النقابات والتنظيمات المهنية كغيرها من نقابات المهن الأخرى، وتطارده الصورة المهزوزة التي يكرسها الإعلام الجماهيري عنه.
ومن بين العوامل المسببة لإحباط المعلم واحتراقه النفسي تدخل الآباء في عمل المعلمين. فكثير من الآباء يجادلون المعلمين في عملهم، ويخطئونهم في أساليب تعاملهم مع أبنائهم، ويتشككون في قدراتهم وكفاءتهم، مما يهز ثقة المعلم في نفسه، ويقلل من كون التعليم مهنة مغلقة ويحولونها إلى مهنة مكشوفة يتزاحم فيها غير المؤهلين سواء من الآباء أو من معلمي الضرورة غير المؤهلين.
وتؤدي هذه الضغوط إلى سلب المعلم هويته المهنية المتخصصة دون غيره من المهن الأخرى في المجتمع.
كما يتصل بالظاهرة نفسها انخفاض المكانة الاجتماعية للمعلم، فيلاحظ تقرير «لجنة هولمز» الأمريكية أن الطلاب لم يعودوا يقبلون على دراسة التربية ليعملوا بالتدريس، ولم تعد تلك الدراسة تلقى إقبالاً يماثل الإقبال على الدراسات الأخرى التي تؤهل الطالب لممارسة مهن تتمتع بقدر أكبر من المكانة الاجتماعية، أضف إلى هذا أن التدريس مهنة لا يحظى ممارسوها بالتقدير المادي المناسب (9).
فالمعلم يصاب بالاحتراق النفسي في ظل العوائق التي تحول دون قيامه بمهمته المهنية بشكل كامل بما يصيبه بالإحباط وضعف الدافعية.
الباب الموارب أمام المعلم
إذا كانت نذر التغيير التي يحملها عالم التفجر المعرفي والتكنولوجي، ورياح العولمة، وفردوس السوق، والهيمنة الاتصالية الفضائية والمعلوماتية تهدد سلطات المعلم التقليدية، إلا أنه من المبكر الحكم على عمل المعلم العربي بالاستغناء، وخصوصاً في ظل سيادة التعليم الأبوي التلقيني، وثقافة الاستظهار ووطأة العمل الصفي البيروقراطي، ولذا تظل الحاجة إلى عمل المعلم، وتطويره في مدارسنا العربية حاجة متزايدة، وخصوصاً في ظل الطلب الاجتماعي المتزايد على التعليم، ومجانيته.
وثمه أفكار يمكنها أن تطرح نفسها لتفسح حيزاً موارباً في الباب المغلق أمام معلمنا العربي، وتخفف من حدة إجهاده واحتراق النفس عنده، ويمكن أن نطرح عدة أفكار في هذا الصدد!.
أولاً : تعظيم قدرة المعلم على التأثير والتغيير التربوي بإنهاء الانفصال المؤسسي بين المعرفة النظرية والممارسة في التربية، نتيجة تقسيم العمل التقليدي بين منتج المعرفة وممارسها، وذلك ببناء مفهوم نقدي جديد لمعنى مهنية التعليم، وبناء علاقات بنيوية بين كليات التربية الجامعية وبين المدارس ومؤسسات التعليم المختلفة، وذلك لتفسير الظروف البيئية التي يتم من خلالها إنتاج النظرية وأداء الممارسة بإدخال مشروع للتدريب الدائم للمعلمين داخل المدرسة ليخلق مدرسة متمركزة حول التدريب المستمر في أثناء الخدمة
School Focusedia-Service traning بحيث يكون تدريباً متصلاً بواقع الحياة اليومية في المدرسة، وبناء مشاريع تتيح للأساتذة الأكاديميين في كليات التربية الجامعية العمل داخل المدارس بعض الوقت كخبراء أو مستشارين ومشرفين، أو في الجماعات المهنية أو في المشروعات البحثية للمعلمين داخل مدارسهم (10).
ثانياً: تطوير نظم الإعداد بكليات التربية، من خلال الإصلاح التعليمي الشامل، وزيادة التدقيق في تمهين التعليم وفرز الزبائن الملتحقين بالمهنة، وربما أقل قليلاً مما يطمح إليه تقرير لجنة هولمز (لا ينبغي بأن يسمح بأن ينضم إلى هذه المهنة سوى الأذكياء والمتفوقين) ورفع ما يسمى بالمحتوى المعرفي ومحتوى التقنيات التى تُتِم هذه المهنة داخل كليات التربية والاهتمام بالتربية العملية، أي تطوير إعداد معلم المعلم.
فلابد من تغيير الإعداد والتغيير بتطوير نظم إعداد المعلم العربي وتدريبه نحو مزيد من الإبداع، والكفاءة، والمكانة الاجتماعية.
ويلاحظ تعدد الاتجاهات المعاصرة في إعداد المعلم وتدريبه بين اتجاهات قائمة على أساس الكفايات وتطوير أدوار المعلم، واتجاهات قائمة على أساس استخدام النماذج (تنموي/ سلوكي/ إنساني) واتجاه قائم على أسلوب تحليل النظم واتجاه قائم على أسلوب التدريس المصغر، واتجاه قائم على أساس التعليم من بعد، ويجب ألا يقتصر التجديد على برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة، بل بالنسبة لبرامج التدريب في أثناء الخدمة أيضاً.
ثالثاً تشجيع المعلم على أداء دوره النقدى، أي المبادرة بالتطور التربوي المعقول، وتجديد الموقف التعليمي، ونقد الطريقة والمحتوى ومواصلة دراساته العليا وربطها بترقياته، وهذا النوع من العلميين المسؤولين والناقدين والمتعاونين والشجعان يجعل المعلم ركيزة كل تغيير وتجديد، وكما يشير تقرير لجنة هولمز «من المهم أن تتيح هذه المهنة المجال للمبرزين والمتفوقين في الممارسة حتى يقودوا مسيرة التطور وحتى يكون لهم دورهم في إدخال كل جديد وفعال، ويساهموا في تدريب زملائهم وتطوير آدائهم التربوي».
انطلاقاً من مبدأ اعتبار التعليم قضية أمن قومي، وربط الحق في التعليم بحقوق الإنسان والديموقراطية كإطار أوسع، فإن تطوير المدارس لكي تكون مكاناً أفضل للعمل والتعلم تصب في هذا الاتجاه، ومن هنا فإن دعم المعلمين، وتحسين ظروف عملهم(11) وفي مقدمتها توسيع الحرية الأكاديمية، وتخفيف كثافة الفصول، ودعم تنظيماتهم المهنية، وتحسين أوضاعهم المادية تظل شروطاً مهيئة لتخفيف احتراقهم النفسي، وإحباطاتهم المتزايدة. وتلخص خيرية قدوح هذا المسعى بقولها: «هل يمكن أن نتوصل إلى أن نقدم للمعلمين فعلاً لا قولاً مستلزمات احترام الذات المنشودة دائماً، وذلك من خلال تأمين الشروط الاقتصادية والثقافية اللازمة لمثل هذا الإحساس أو ما ينتج عنه من مواقف أو سلوكيات؟» (12).
المـراجـع
1- حامد عمار: في التوظيف الاجتماعي للتعليم، مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة 1995، ص 33 .
2- إيفور موريش: علم الاجتماع التربوي، ترجمة حسن الفقي، دار القلم، الكويت 1993، ص ص 260-261 .
3- كايد سلامة وشفيق علاونة: خصائص المعلم الناجح كما يراها المشرفون والمديرون والمعلمون والطلبة، مجلة دراسات تربوية، رابطة التربية الحديثة، م7، ج 43، القاهرة 1993 .
4-
Chase, C. I. Tow Thousand Teachers View Thier Profession. Journal of Education, Vol, 79, No. 1, pp 12-18 September, 1985.
5- Kitchent, R. D. Study of Studient Teacher Attitudes Using Semantic Differnt Technique
زAustralia Journal of Education, Vol, 12, No. 3, 19980.
- راجع : نصر يوسف مقابلة: دراسة لاتجاهات المعلمين الأردنيين نحو مهنة التدريس في ضوء بعض المتغيرات، مجلة كلية التربية، جامعة عين شمس، ع (15)، القاهرة 1991 .
- كمال رواني وأنمار الكيلاني: مستويات الاحتراق النفسي لدى معلمي المدارس الحكومية في الأردن، المجلة التربوية، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، ع (19) أ (5)، شتاء 1989 .
7- المرجع السابق.
8- المرجع السابق.
9- مجموعة هولمز: معلمو الغد: تقرير مجموعة هولمز لتطوير التعليم وإعداد المعلمين بالولايات المتحدة. مكتبة التربية لدول الخليج، الكويت 1987، ص 30 .
10- حسن البيلاوي: العلاقة بين النظرية والممارسة التعليمية في مهنة التعليم، وجهة نظر نقدية، مؤتمر رابطة التربية الحديثة الحادي عشر، القاهرة 1990 .
11- راجع حول بعض الركائز لتطوير إعداد المعلمين:
محمد متولي غنيمة، سياسات وبرامج إعداد المعلم العربي، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة 1987 .
-
Gidenose, Hendrik. (ed.). Teacher Education Policyص State, University of New York Press, 1993.
12-
خيرية قدوح: إعداد اللا إعداد للمعلمين، المؤتمر التربوي لكلية التربية، الجامعة اللبنانية الأول، 9-13 يوليو 1986 .
نشر في مجلة (المعرفة) عدد (39) بتاريخ (جمادى الآخرة 1419هـ -أكتوبر 1998م)

: http://www.bab.com